وزير الدفاع الوطني يحاضر في الكلية الحربية الأمريكية


في إطار انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة العسكرية التونسية الأمريكية في دورتها الثالثة والثلاثين بواشنطن، وضمن الأنشطة المبرمجة، وجّهت الكلية الحربية الأمريكية (Defense War College) دعوة إلى وزير الدفاع الوطني السيد عبد الكريم الزبيدي لإلقاء محاضرة صباح يوم الجمعة 3 ماي 2019 حول القوّات المسلحة التونسية: “التحديات والآفاق” بحضور 120 ضابط سامي أمريكي بصدد متابعة دروس في مجال الدراسات الإستراتيجية والإستشرافية.

وقدم وزير الدفاع الوطني في مستهل مداخلته لمحة تاريخية حول نشأة الجيش الوطني التونسي ومهامه الأساسية والظرفية والتكميلية ومساهمته في تأمين عوامل الإنتقال الديمقراطي منذ سنة 2011 وفي حفظ النظام العام ومكافحة الإرهاب والتصدي للتهريب والجريمة المنظمة.

وبين أن تونس واجهت في هذه الفترة تحديين اثنين لهما صبغة إنسانية:

أولهما إستقبال حوالي مليون و  700 ألف لاجئ من 100 جنسية 80% منهم من الأشقّاء الليبيّين وتركيز مخيّمين إثنين برأس جدير والذهيبة لإيوائهم وتأمين الإحاطة والرعاية الصحية والنفسية والإجتماعية لهم.

ثانيهما إقدام آلاف من الشبان التونسيّين والأفارقة على الهجرة غير الشرعية ممّا استوجب تسخير وسائل الجيش الوطني للحدّ من هذه الظاهرة.

واستعرض وزير الدفاع الوطني أهم التحديات الأمنية التي تواجهها تونس وكان لها تأثير كبير على أمن البلاد واستقرارها إبّان ثورة 14 جانفي 2011 وفي مقدّمتها الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة بحكم تدهور الوضع الأمني بليبيا الشقيقة وتداعيات ما يحدث في القوس الساحلي ممّا نتج عنها أعمال إرهابية بلغت ذروتها في سنوات 2013 و2014 و2015 حيث استهدفت قطاع السياحة والأمنيين والعسكريين في تعدٍ وتطاول على رموز الدولة.

وبيّن أنه في المقابل كانت معركة بن قردان حاسمة حيث مثّلت انتصارا استراتيجيا جنّب البلاد والمنطقة بأسرها خطرا داهما كان من الممكن أن تكون له تداعيات سلبية على أمنها واستقرارها، وهزيمة الدواعش في أكثر من مدينة عربية.

وأبرز وزير الدفاع الوطني أن عودة الإرهابيين التونسيين إلى تونس تمثل تحدّيا آخر لتونس من حيث كيفيّة التعامل مع هؤلاء العائدين ممّا أثار جدلا قانونيا في أوساط المجتمع المدني ولدى الرأي العام. مبيّنا في هذا السياق أن معالجة هذا الموضوع هو محلّ دراسة من قبل مركز البحوث العسكرية والهياكل ذات الصلة بالإعتماد على احترام القانون وحقوق الإنسان مع الاستئناس بتجارب بعض البلدان في المجال.

وبيّن أن التحدّي الثاني الذي تواجهه تونس يتمثّل في تهريب الأسلحة العابرة للحدود وهو ما يهدّد أمنها واستقرارها ويغذّي مناطق الصّراع في الجوار الإقليمي، بالإضافة إلى  التهريب والتجارة الموازية اللّذان يمثلان رهانا أمنيا واقتصاديا لارتباطهما عضوياّ بالإرهاب.

وبخصوص آفاق المؤسّسة العسكرية، بيّن وزير الدفاع الوطني أنّه في ضوء مجمل التحديات المذكورة تم وضع برنامج لتطوير القدرات العملياتيّة بمساعدة الجانب الأمريكي ويقوم على  دعم العمليات المشتركة بين الجيوش الثلاثة و تطوير القدرات الإستعلاماتية وتأمين الحدود البرية والبحرية والمجال الجوّي وتأهيل القوات التقليدية ووضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب بمشاركة الهياكل المتدخلة تقوم على أربعة محاور وهي الوقاية والحماية والتتبّع والردّ.

وتلت هذه المحاضرة طرح جملة من التساؤلات من قبل الدارسين تمحورت حول الوضع الأمني بالمنطقة ومآله. وبيّن وزير الدفاع الوطني في هذا السياق أن مستقبل المنطقة بما فيها الساحل الإفريقي رهين توافق القوى السياسية الفاعلة في هذه البلدان من جهة كما هو مرتبط في الآن نفسه بالدور الإيجابي الذي يجب أن تلعبه القوى الإقليمية والدولية في الصراعات التي تشهدها دول المنطقة من جهة أخرى.

قراءة 460